تتمتع سلطنة عُمان والمملكة المتحدة بعلاقات اقتصادية قوية تتيح آلاف الوظائف للعمانيين، والنمو والرفاهية. وتأتي نسبة 47% من كل الاستثمار الأجنبي المباشر إلى سلطنة عُمان من المملكة المتحدة، حيث يلعب قطاع الطاقة دورًا حيويًا. وتشارك كبرى الشركات البريطانية “بريتش بتروليم” و “شل” – ومنظومة متكاملة من شركات الطاقة البريطانية، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة من كل أرجاء المملكة المتحدة – مشاركة كبيرة في قطاع يدر ما نسبته 77% من عائدات الدولة في سلطنة عُمان.
لقد أظهر مؤتمرا الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي “كوب26” و “كوب27” كيف تتغير الطاقة؛ ويسعدني ما أراه من انطلاق سلطنة عُمان في المقدمة بصفتها دولة رائدة بالمنطقة. وقد ضمت قمة الهيدروجين الأخضر الثانية التي عُقدت الشهر الماضي في مسقط روادًا من كل مناحي سلسلة قيمة الهيدروجين بدءًا من الإنتاج والنقل إلى التطبيقات والتخزين. وقد تجلى في هذه القمة، التي ترأستها الحكومة العمانية، طموح السلطنة في أن تكون إحدى الدول الرائدة عالميًا في مجال الهيدروجين الأخضر.
وتُعزى إمكانات الطاقة المتجددة في سلطنة عُمان في جانب كبير منها إلى موقعها المتميز، ومع ما تتمتع به من شمس قوية، ورياح عاتية ومساحة شاسعة، وموقعها القريب من موانئ الشحن التي تتميز بموقعها الإستراتيجي للصادرات في المستقبل، فهي لن تحتاج إلا إلى تخصيص 0.1% من مساحة أراضيها للطاقة المتجددة من أجل دعم متطلباتها المستقبلية من الطاقة، وهو ما يجعل صادرات الطاقة أمرًا محوريًا.ومن جانب آخر تعد الرؤية، والابتكار والتعاون أمورًا محورية أيضًا لتحقيق النجاح
وتنطوي خطط السلطنة لبناء اقتصاد يتمحور حول الهيدروجين بحلول عام 2040 على فرص هائلة للمشاركة بين بلدينا. وفي هذا الصدد توجد ثلاثة عوامل تساعد على إمكانية قيام هذا التعاون بين المملكة المتحدة وسلطنة عُمان، ألا وهي: قوة إطار سياسة المملكة المتحدة، والنظام المتكامل للطاقة المتجددةوتمويلا لصادرات الحكومية الهيدروجين منخفض الكربون هو الوقود الممتاز الجديد الذي تنتجه المملكة المتحدة وسيكون أمرًا حيويًا لأمن الطاقة لدينا، وذلك من أجل الوفاء بالتزامنا الملزم قانونًا بتحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2050.
وخلال العام الماضي ضاعفت المملكة المتحدة طموحها في مجال إنتاج الهيدروجين لعام 2021 بما يصل إلى 10 جيجاوات بحلول عام 2030، وهو ما يضع المملكة المتحدة بقوة في مقدمة السباق العالمي لتطوير الهيدروجين. وبما أن الهيدروجين يوفر بديلًا آمنًا للوقود الأحفوري يتسم بانخفاض مستوى الكربون، فإنه يجعل من الممكن الانتقال إلى أمن طاقة أعظم وبالطبع الوصول إلى أهداف الحياد الصفري التي نسعى إلى تحقيقها.لا يمكننا تحقيق أهدافنا في مجال الطاقة الخضراء في الفراغ؛ فنحن نحتاج إلى العمل مع شركاء من أرجاء العالم للوصول إلى حلول عالمية.
وقد سعدت بأن أكون أحد المتحدثين خلال المؤتمر الذي أقامته الحكومة العمانية بعنوان “مؤتمر عُمان للطاقة الجديدة” في “مانسيون هاوس” في لندن خلال شهر يوليو من العام الماضي. وقد التقيت خلال المؤتمر بكل من معالي عبد السلام المرشدي، ومعالي قيس اليوسف وكبار الممثلين من شركة “أوكيو”، وشركة تنمية نفط عمان، و شركة “هيدروم” وشركات كثيرة أخرى. وقد انضم إلينا أكثر من 250 مستثمرًا من مؤسسات الاستثمار البريطانية وشركات الطاقة من كل مكان في المملكة المتحدة.
وترى هذه الشركات الفرصة التي تتيحها سلطنة عُمان وكانت حريصة على التعرف على فرص الهيدروجين المتاحة. وقد زار الكثيرون من هؤلاء الحضور السلطنة لحضور اجتماعات البعثة التجارية للطاقة التي نظمتها السفارة البريطانية خلال شهر أكتوبر الماضي، وحضر الكثيرون منهم مؤتمر الهيدروجين الأخضر الذي عقد خلال شهر ديسمبر.اتفاقية شراكة الاستثمار السيادي البريطانية-العمانية، التي جرى التوقيع عليها منذ عام تقريبًا، أتاحت منصة انطلاق لتنويع الاستثمار الثنائي واستمرار زيادته، لدعم الرفاهية والوظائف المتميزة في كل مكان بكلا البلدين.
ويعد التمويل أحد العناصر المهمة لإطلاق إمكانات الطاقة المتجددة في سلطنة عُمان. ومن خلال وكالة ائتمان الصادرات البريطانية، ووكالة تمويل الصادرات البريطانية، تمتلك الحكومة البريطانية القدرة على القيام بدور تحفيزي في هذا المجال.وهنا تبرز وكالة تمويل الصادرات البريطانية بوصفها وكالة ائتمان صادرات رائدة للاستدامة. وفي العام الماضي، كانت وكالة تمويل الصادرات البريطانية هي وكالة ائتمان الصادرات التي قدمت معظم التمويل للصفقات المستدامة، حيث قدمت 3.6 مليار جنيه استرليني للمشروعات المستدامة. وقد عُدِّت أفضل وكالة ائتمان صادرات للتمويل المستدام
طبقًا لتصنيف مستقل. وقد دشنت وكالة تمويل الصادرات البريطانية مؤخرًا بيان مهمة جديدا يضع الاستدامة في قلب أجندته، وكشفت عن عدد من الأهداف الجديدة الطموحة لخفض الانبعاثات. وفي ظل وجود شراكة قوية مع سلطنة عمان، وسجل من تمويل مشروعات إستراتيجية هنا، فإنني أتوقع أن تصبح وكالة تمويل الصادرات البريطانية أحد أبرز المشاركين في دعم الصفقات الكبرى في مجال الطاقة المستدامة والنمو النظيف في عُمان.وخلاصة القول بأن المملكة المتحدة ترى أن الشراكة، والتعاون والاستثمار المشترك هي كلمة السر لمستقبل أكثر اخضرارًا واستدامة للبلدين، ودعم وظائف جديدة، والنمو والرفاهية على امتدادهما. وفريق التجارة والاستثمار بالسفارة البريطانية بمسقط على أتم الاستعداد للمضي قُدما في هذا الأمر.
تعليق