منظومة الأمن الغذائي تحقق الجودة والاستدامة في سلطنة عمان
تولي سلطنة عمان ملف الأمن الغذائي أهمية كبيرة وتعمل على ضمان إمدادات غذائية مستقرة وموثوقة، حيث انتهجت سياسات ومبادرات لتنويع مصادر استيراد الحبوب من دول مختلفة مثل استراليا وأمريكا اللاتينية. وتعمل سلطنة عمان ممثلة في وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه على تعزيز منظومة الأمن الغذائي والمائي من خلال ثلاث استراتيجيات رئيسية في القطاع الزراعي والسمكي وموارد المياه ومواءمتها مع رؤية عمان 2040.وتبذل سلطنة عمان عددا من الحلول لمواجهة تحديات النظم الغذائية المختلفة من أهمها ترشيد استخدام المياه في الزراعة واستخدام المياه غير التقليدية واستخدام التقنيات الحديثة المبتكرة والتوسع في عملية الاستمطار الصناعي، والتشجيع على الزراعة ودعم المنتج العماني، وفتح مجالات الاستثمار في الغذاء، إضافة إلى تأهيل وتدريب الكادر الوطني في مجال الزراعة وتشديد الرقابة على المنتجات الزراعية وتوعية المزارعين بالاستخدام الآمن للمبيدات، ووجود خطة للطوارئ متعددة القطاعات لـتأمين الغذاء الآمن والصحي، والاهتمام بالتصنيع الغذائي وتغيير أنماط الاستهلاك السائدة لتكون أكثر جودة واستدامة فضلا عن حسن إدارة الموارد الطبيعية لضمان استدامتها للأجيال القادمة.
وفي سبيل تأمين السلع الغذائية الأساسية الاستراتيجية قامت الوزارة بإعداد وتنفيذ استراتيجية الأمن الغذائي لسلطنة عمان (2010-2020) وتطوير السياسات والتشريعات الوطنية المرتبطة بقطاعات الأمن الغذائي وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية، وتركز الاستراتيجية على ثلاثة محاور رئيسية لتحقيق الأمن الغذائي وهي: الطلب على الغذاء، والإنتاج المحلي، وتأمين الواردات الغذائية من الخارج.
دعم إنتاج القمح المحلي
واعتمد مجلس الوزراء خطة دعم إنتاج القمح المحلي بنحو (5) ملايين ريال عُماني حتى عام 2027م، وتخصيص أراض بالانتفاع في بعض المحافظات لزراعته، كما تسعى سلطنة عمان ممثلة بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه إلى التوسع في زراعة القمح العُماني عبر إيجاد أراضي انتفاع صالحة للزراعة، ودعم عدد من المزارعين بـتقاوي القمح العُمانية كبذور لزراعة محصول القمح لتحسين جودة إنتاجه في سلطنة عُمان.
وعلى مدى السنوات الماضية قامت الوزارة بجهود حثيثة ونفذت العديد من المشاريع والمبادرات لتطوير زراعة القمح كلها تنصب في دعم المزارعين وتعزيز الإنتاجية والقدرة على الصمود منها: استحداث مشروع تنموي ممول من قبل صندوق التنمية الزراعية والسمكية وجه لدعم شراء تقاوي القمح للمزارعين وشراء حصادات لتقديم الحصاد المجاني للمزارعين.
ولضمان تسويق المنتج، فقد وقعت الوزارة اتفاقية مع شركة المطاحن العمانية بمسقط لشراء إنتاج المزارعين من القمح، مما ساهم إيجابيا على زيادة إقبال المزارعين على زراعة القمح.وعلى صعيد الدراسات البحثية والتطوير، استطاعت الوزارة تحسين وتطوير أكثر من 8 أصناف من القمح المحلي مناسبة للظروف البيئية في السلطنة وعالية الإنتاجية والجودة.
وللتوسع في المساحات المزروعة للقمح، فقد عمدت الوزارة على توقيع العديد من عقود حق انتفاع بمختلف محافظات سلطنة عمان ذات الميزة النسبية، حيث وفرة المياه وجودة البيئة وكان آخرها توقيع عقود لزراعة أكثر من 1000 فدان بمحافظة الظاهرة في ولاية ضنك. كما تم مؤخرا توقيع عدد (37) عقد حق انتفاع لأراضي زراعية مخصصة لزراعة وإنتاج القمح بمنطقة نجد بمحافظة ظفار.
وبلغ عدد مزارعي القمح 1900 مزارع في العام الجاري وزادت مساحة الأراضي من 2422 فدانا في عام 2022 إلى أكثر من 6000 فدان في عام 2023 م، مما ترتب عليه زيادة إنتاجية القمح من 2167 طنا في عام 2022 إلى ما يقارب 7000 طن في عام 2023م.
الحد من تأثيرات الأزمات وارتفاع الأسعار
واتخذت سلطنة عمان ممثلة في وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وبالتكامل مع الجهات الحكومية ذات العلاقة مجموعة من الإجراءات والتدابير للحد من تأثيرات الأزمات وارتفاع الأسعار، ولمواجهة أية اختناقات محتملة قد تحدث بسببها، ومن أهم الإجراءات والتدابير التي تتخذها الحكومة لمواجهة التحديات التي تطرأ إنشاء لجان وفرق فنية لمراقبة الوضع للأزمات، التي تقوم كذلك بالتنسيق مع شركات ومصانع المواد الغذائية لعدم إبرام عقود جديدة لتصدير السلع الغذائية الأساسية وتقنين أو وقف صادرات منتجات المصانع الغذائية للسلع الغذائية الأساسية لضمان توفير السلع في الأسواق المحلية وسهولة وصولها للمستهلك وجميع شرائح السكان، كما تقوم بمراقبة الأسعار بشكل مستمر وعدم السماح لارتفاعها.
كما اتخذت سلطنة عمان العديد من الإجراءات والمبادرات الرامية إلى النهوض بالوفرة الغذائية محليا فقامت بتعزيز مخزون كل من سلعة الأرز والقمح لتغطية احتياجات سلطنة عمان لعدة أشهر مع توفير مخازن مجانية للقطاع الخاص، كما قامت بالإعفاء من القيمة المضافة لمدخلات صناعة الأعلاف مثل (الذرة، والشعير، وفول الصويا، والنخالة وغيرهم) وذلك نظرا لارتفاع أسعارها في السوق العالمي وأهميتها لقطاع الثروة الحيوانية، كما قامت بدراسة من أجل دعم هذه المدخلات.
وقامت سلطنة عمان بمواجهة الأزمات عن طريق توفير الحماية الاجتماعية وضمان النظم الغذائية ومثال على ذلك المكرمة السامية للتغذية المدرسية لطلبة الضمان الاجتماعي والدخل المحدود التي صدرت بتاريخ ۲۸ أغسطس ۲۰۲۲م ويستفيد منها أكثر عن حوالي 17 % من إجمالي الطلبة العمانيين في المدارس الحكومية، وقد أسهمت تلك الجهود والتدابير المتخذة بصورة مباشرة في التخفيف من حدة آثار الأزمات وارتفاع الأسعار دون المساس باحتياجات سكان سلطنة عمان من السلع الغذائية.
ترشيد استخدام المياه
وتبنت الوزارة العديد من المشاريع التي تهدف إلى ترشيد استخدام المياه في القطاع الزراعي ورفع كفاءة الاستخدام، كمشروع تطوير النظم المزرعية التقليدية في قرى الأفلاج والمتضمن استبدال طرائق الري بالغمر ذوات الكفاءة المنخفضة بنظم الري الحديثة (الرش والتنقيط والنافورة) ذوات الكفاءة المرتفعة. لقد استغلت المياه الناتجة عن فرق الكفاءة في زيادة مساحة الرقعة الزراعية وهذا مما لا شك فيه سيزيد الإنتاج ويعزز الأمن الغذائي. كما تبنت مشروع الدعم الفني والمالي لتحويل نظم الري بالغمر التقليدية في أراضي الآبار إلى نظم ري حديثة إذ تقوم الوزارة بعمل التصاميم الهندسية لنظم الري على مستوى المزارع الفردية للمواطنين وإعداد جداول الكميات وجدولة الري، بالإضافة إلى إصدار الضوابط والتعليمات الخاصة باستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا والمياه المالحة في ري المحاصيل الزراعية وبما يؤمن سلامة المنتج الزراعي وصلاحيته للاستهلاك البشري، والمحافظة على التربة كمورد طبيعي غير متجدد، والحد من التفريط بالمياه العذبة باعتبارها ملكا مشتركا مع الأجيال القادمة، وأخيرا سلامة البيئة.
مجالات التصدير السمكي
وفي مجالات التصدير السمكي نجحت الوزارة في فتح أسواق جديدة خارجية إلى روسيا وفيتنام والبرازيل وثم الصين في المستقبل القريب مما يساهم في تحقيق وتعزيز الأمن الغذائي، وشهدت الصادرات السمكية ارتفاعا، حيث بلغت إجمالي الصادرات السمكية (226160) طنا خلال العام الماضي، وبلغ عدد الشركات الحاصلة على شهادة ضبط الجودة (74) شركة مؤهلة للتصدير الخارجي حتى عام 2023م.
وقامت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بالتعاون مع مكتب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بسلطنة عمان بمشروع يعنى بإضفاء الطابع المهني للقطاع الزراعي وتحسين دخل وسبل عيش المزارعين في سلطنة عمان، ويهدف المشروع بشكل أساسي إلى تعزيز قدرات جمعية المزارعين العمانية وخاصة تلك المتعلقة بالتطوير التنظيمي، وقدرتها على أن تصبح مقدم خدمات بما في ذلك تعزيز قدرتها للوصول إلى الأسواق وذلك لتحسين الأنظمة الغذائية من أجل تحقيق الأمن الغذائي في السلطنة، ومن أهم التحديات التي عالجتها الاستراتيجية هي كيفية تطوير منظمات للعمل الجماعي في القطاع الزراعي من قبل جمعيات المجتمع المدني تتسم بالكفاءة والعدالة وتعمل على تعزيز موارد المجتمع وتسهم في تمثيل مصالح القطاع والجمعيات المهنية (التعاونيات، والنقابات، والجمعيات) وكذلك تعزيز تنافسية القطاع بطريقة مستدامة.
تعليق