"التربية" تستحدث منهجا خاصا بتعليم الناشئة مفاهيم الهوية والمواطنة ضمن خطتها الدراسية
تسعى سلطنة عمان من خلال رؤية "عُمان 2040" في أولوية المواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية أن يكون المجتمع العماني معتزا بهويته وثقافته ومواطنته، ووضعت مجموعة من الأهداف من ضمنها المساهمة في جعل أفراد المجتمع يتصفون بالمسؤولية ومدركين لحقوقهم، وملتزمين بواجباتهم ويعملون على المحافظة على تراث وطنهم، وتوثيقه، ونشره عالميا.
ويُعد موضوع الهوية والمواطنة من الموضوعات المهمة التي ترتكز عليها أسس بناء المناهج الدراسية، فهي تعبر عن انتماء الطلاب لأوطانهم وخدمة بلدهم، وتنطلق من ثقافة مجتمعهم والمؤسسات المرتبطة به، وآليات التعامل البناء معها ضمن منظومة أخلاقية تنظم تفاعلهم الإيجابي معها، وتوجه الطلاب نحو احترام القوانين والنظم، والتشريعات المنظمة للمجتمع أفرادا ومؤسسات.
وأكدت وزارة التربية والتعليم أن النظم التربوية أدركت أهمية الهوية والمواطنة في تنشئة الطلاب، باعتبارها الوسيلة الفاعلة في تنشئة أجيال واعين بذواتهم وأسرهم ومجتمعاتهم وأوطانهم والعالم من حولهم؛ إذ إن مرحلة الإدراك والوعي يشكلان الدعامة الأساسية التي ينطلق منها الطلاب نحو التفاعل الإيجابي والبنّاء مع المحيط الذي يعيشون فيه، وبدونه يصبحون أداة غير فاعلة تحد من تحقيق الدول لأهدافها وغاياتها التي تطمح إليها.
وقالت إن من بين الوسائل التي تبنتها الدول لتعميق وغرس مفاهيم الهوية والمواطنة هو تعليم الناشئة مفاهيمها والمهارات المرتبطة بها للوصول إلى تحقيق المواطنة الفاعلة التي يعبر من خلالها الطالب عن انتمائه وولائه لوطنه، ويترجم هذا الانتماء والولاء في صورة سلوك حسي تُدْرَك نتاجاته في مختلف المؤسسات المجتمعية الخاصة منها والعامة.
وأضافت إن خطتها الدراسية الجديدة تضمنت استحداث منهج خاص بتعليم الناشئة مفاهيم الهوية والمواطنة ويعد إحدى أدوات المؤسسة التعليمية الهادفة إلى تعميق وغرس مفاهيم الهوية والمواطنة في الطلاب خاصة في المراحل العمرية المبكرة من حياتهم.
وأفادت أن منهج الهوية والمواطنة ينطلق من عدة أسس تتمثل في: متطلبات التنمية العمانية الشاملة وفق رؤية "عُمان 2040" والاستراتيجية الوطنية للتعليم (2040) وفلسفة التعليم بسلطنة عُمان وقانون التعليم المدرسي ونتائج الدراسات، والبحوث، والندوات الوطنية والإقليمية والتقدم العلمي والتقني المتسارع في جميع نواحي الحياة ومتطلبات مؤسسات التعليم العالي وسوق العمل.
وأشارت إلى أن موضوع الهوية والمواطنة يتم وفق منظومة تعليمية ممنهجة ومنظمة تستوعب كل الأهداف وتسعى إلى تحقيقها، ومن أبرزها: تنفيذ التوجيهات السامية لتعزيز الهوية والمواطنة لدى الطلاب، حيث يأتي تعزيزا للتوجهات الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040 التي تتمثل رؤيتها في "تنمية موارد بشرية تمتلك القيم، والمعارف، والمهارات اللازمة بما يمكنها من العيش منتجة في عالم اقتصاد المعرفة، ومؤهلة للتكيف مع متغيرات العصر، ومحافظة على هويتها الوطنية، وقيمها الأصيلة، وقادرة على الإسهام في رقي الحضارة الإنسانية".
وأوضحت أن المنهج يعزز المحافظة على الهوية الوطنية العمانية والمبادئ والقيم الإسلامية، ويواكب الاتجاهات التربوية الحديثة الرامية إلى تعزيز المواطنة الفاعلة والمسؤولة، والحاجة إلى إعداد منهج تعليمي يُعنى بالهوية والمواطنة وفق المعايير المتعارف عليها عالميا، إلى جانب ربط منهج الهوية والمواطنة بطرائق تدريس حديثة وأساليب تقويمية تعزز من مهارات التفكير العليا.
ويهدف المنهج للتأكيد على أهمية غرس نتائج الدراسات والأدبيات التربوية ومفاهيم الهوية والمواطنة في المراحل التعليمية المبكرة من حياة الطالب، وتعزيز التوجهات العالمية، والعقود الدولية وإطار العمل العالمي في تحقيق الهدف الرابع (التعليم الجيد)، الذي يأتي ضمن أهداف التنمية المستدامة في مجالات فهم الآخر، والعدالة الاجتماعية، والتعايش السلمي، واحترام التنوع الثقافي داخل المجتمعات وفيما بينها، والمواطنة العالمية.
وحدد المنهج سمات الطالب في مجال الهوية والمواطنة، واشتمل على ثلاث سمات تشير إلى صفات وخصائص يكسبها الطالب وهي: أن يكون مثقفا مطلعا ونقديا: ويقصد به فهم النظم المحلية والوطنية والعالمية وحقوق ومسؤوليات الأفراد والجماعات، والقضايا التي تؤثر في تفاعل المجتمعات وترابطها على المستوى المحلي والوطني والعالمي، والقدرة على التخطيط في المواضيع المختلفة وتحليل البيانات والتوصل إلى استنتاجات منطقية وعلمية تسهم في التنمية والتطوير للأفضل والأحسن.
أما السمة الثانية فهي أن يكون الطالب متواصلا اجتماعيا ومحترما للتنوع: ويشمل الهويات والعلاقات والانتماء (المستويات المختلفة للهوية)، وهنا يتعلم الطالب عن هويته الشخصية والوطنية، وما هو موقعه ضمن العلاقات المتعددة (الأسرة، الأصدقاء، المدرسة، المجتمع المحلي، الوطن) كأساس لفهم البعد العالمي للهوية والمواطنة، وفهم القيم الإنسانية المشتركة، وتطوير وتقويم واحترام الاختلاف والتنوع (الثقافة، اللغة، النوع الاجتماعي، الجنسية، الدين)، وفهم العلاقات المعقدة سواء المتنوع منها أم المتماثل.
والثالثة أن يكون ملتزما ومسؤولا أخلاقيا: وتشمل المسؤولية الشخصية والاجتماعية، إذ يكتشف الطالب معتقداته وقيمه الخاصة ويحافظ عليها، ويحترم معتقدات وقيم الآخرين، كما يشمل قيم رعاية الآخرين (الرحمة والتعاطف والتعاون والحوار)، وحقوق الإنسان، والالتزام بالقوانين والأنظمة والتشريعات، واتخاذ الإجراءات التي تسهم في تطوير مهاراته بما يجعله أكثر فاعلية في مجتمعه.
ويتناول المنهج المخرجات العامة لمادة الهوية والمواطنة: وهي تنمية قدرة المتعلم على التعبير عن انتمائه وحبه لوطنه ورموزه القيادية والتاريخية، والثقافية بالأقوال، والأفعال، والمواقف وإكساب المتعلم ثقافة المحافظة على المنجزات والمكتسبات التي ما زالت تحقق في سلطنة عُمان، بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه.
ويركز المنهج على تنمية قدرة المتعلم على التعبير عن فهمه لذاته ويسعى لتنميتها وتقديرها وتحقيقها، ويتمكن من إدارتها وتوجيهها نحو النجاح والتفوق والريادة، وتحمل المسؤولية، والعمل بروح إيجابية وتحد وإصرار، وتعريف المتعلم بأهم المناسبات الوطنية والدينية في وطنه، ويعتز بها، ويمارسها على أرض الواقع، بالإضافة إلى أهم المشكلات البيئية في وطنه، ويقترح حلولا لعلاجها، ويسهم في جعلها آمنة ونظيفة.
ويحث المنهج على تعريف المتعلم بالنظم والقوانين والقواعد في البيت والمدرسة والمجتمع والعالم، ويحترمها، ويمارسها في واقع حياته، وتعريفه بأهم الثروات الطبيعية في بلاده، وأهم المشاريع التنموية بها، ويعتز بإنجازات الدولة، ويقترح مشاريع ريادية مستقبلية لذاته وأسرته.
ويدعو المنهج إلى تنمية علاقات المتعلم الاجتماعية في البيت والمدرسة والمجتمع والعالم، من خلال اكتسابه للقيم الاجتماعية كالتعاون والتكافل والصداقة واحترام الآراء، وتنميته لمهارات التواصل مع الآخرين إلى جانب، إكسابه الأنماط الصحية المناسبة لحياته، والجوانب العقلية والنفسية والاجتماعية والجسدية من خلال تناول الغذاء الصحي، والالتزام بالعادات الغذائية الصحية المناسبة.
تعليق