تربويون: التعلم التعاوني يعزز القدرات الطلابية والاندماج الإيجابي
أشار تربويون إلى أن التعلم التعاوني يعزز التبادل المعرفي وصقل المهارات بين الطلبة من خلال توفير بيئة تعليمية متكاملة، كما يسهم في تطوير قدراتهم في البحث والاستنتاج واكتشاف المواهب ورفع مستوى التحصيل الدراسي، ويُعدّ إحدى الإستراتيجيات لضمان تحقيق الأهداف التعليمية وتبادل الخبرات والمهارات الاجتماعية المختلفة بين الطلبة.
قال حمود بن علي العامري (معلم أول تربية إسلامية بمدرسة عبد بن الجلندى للتعليم الأساسي): إن التعلم التعاوني يحسن من فهم المادة الدراسية من خلال تبادل المعلومات بين الطلبة أنفسهم داخل المجموعة الواحدة بحيث يكون المعلم موجهًا لهذا التفاعل ومقيمًا، حيث يكتسب الطالب القيادة والجرأة والتفاعل بإيجابية ومهارة العمل بروح الفريق، وتبرز فعاليته في المواد العلمية التي تحوي على مسائل.
التفاعل الإيجابي
أفادت خديجة بنت يعقوب البلوشية (معلم مجال أول بمدرسة وادي المعاول للتعليم الأساسي): يعزز التعلم التعاوني تبادل المعرفة المشتركة بين الطلبة ويسهم في صقل المهارات المطلوبة في تعميق المادة التعليمية ومهارات التواصل، وتيسير نقل المعلومة بين الطلبة وتنمية قدراتهم في حل المشكلات، ويكتسب الطالب مهارات عدة من بينها معرفية وغير معرفية وتشمل المعرفية منها رفع مستوى التحصيل الدراسي نظرًا للمشاركة بين الأقران وتنمية التفكير وتبادل الأفكار المشتركة، أما غير المعرفية تتمثل في المهارات الاجتماعية واحترام الذات والقدرة على التصرف وتعزيز مفهوم القيادة، وترى البلوشية أنه لا توجد مادة دراسية يكون فيها التعلم التعاوني أكثر فعالية وإنما هناك موضوعات محددة في المادة الدراسية تعزز من دور الأنشطة التعاونية.
ويوضح زاهر بن محمد الصبحي معلم جغرافيا بمدرسة أبي سعيد الكدمي بقولها: إن هذا النوع من التعليم يسهم في تحسين فهم المادة الدراسية من خلال توفير بيئة تعليمية متكاملة تساعد الطلبة في اكتساب المعرفة اللازمة بروح العمل الجماعي والذي بدوره يهدف إلى تبادل الأفكار والخبرات بين الطلبة، مضيفًا: إن للتعلم التعاوني دورًا في اكتشاف المواهب والمهارات مما يجعل الطلبة أكثر فهمًا وإدراكًا للمادة العلمية، كما أنه يتيح مجالًا أكبر في توسيع المعارف والمهارات بالمواد الدراسية وتطوير قدرات الطلبة في البحث والاستنتاج.
ولكن هناك تحديات تواجه المعلم لتطبيق التعلم التعاوني كعدد الطلبة داخل الفصل الدراسي الواحد وتعدد المناهج وطبيعة بعض المناهج التي لا تتناسب مع طريقة التعلم التعاوني وما يترتب على المعلم من الالتزام بإطار زمني محدد لإنهاء المنهج الدراسي لاسيما مع ارتفاع نصاب الحصص لدى المعلم.
وأضاف: يمكن التغلب على ارتفاع كثافة الطلبة بالفصول عند تطبيق التعلم التعاوني باستخدام غرف تعليمية أوسع كمصادر التعلم أو المختبرات العلمية بالنسبة لمواد العلوم (الفيزياء والكيمياء)، إضافة إلى انتقاء دروس تتناسب مع طبيعة طريقة التدريس بالتعلم التعاوني واختيار مجموعة من الطلبة من جميع الفصول لإكساب المهارة لعدد أكبر في زمن تعليمي أقل، كما تتناسب طريقة هذا النوع من التعلم في المواد العلمية لاسيما التجارب العلمية المتعلقة بمواد الفيزياء والكيمياء واللغة العربية التي تتفرع فيها جوانب المعرفة، كما أن مادة الرياضيات التي تتميز بكونها مادة تعليمية تذكي روح التحدي والمنافسة بين الطلبة بالمستويات التعليمية المختلفة.
وتقول تهاني بنت سالم الشعيلية معلمة اللغة الإنجليزية بمدرسة الوادي الأعلى: يسهم هذا النوع من التعلم كثيرًا في تنمية قدرات الطلبة المعرفية والمهارية، حيث، إن العقول تجتمع والأفهام تتعدد حول موضوع معين، فينتج عنه حل لمشكلة ما أو مقترحات عديدة ويكون الوصول إلى المطلوب بصورة أسرع عما إذا كان العمل فرديًا، كما يواجه المعلم تحديات وصعوبات جمة في تطبيق التعلم التعاوني بصورته الصحيحة منها عدم تجاوب جميع أفراد المجموعة والاتكالية في التكليف وصعوبة توزيع المهام، وقد يأخذ الحديث الجانبي أحيانًا وقتًا من عمل المجموعة، وترى أنه بالمقدور توظيف التعلم التعاوني في جميع المواد، وهناك إستراتيجيات كثيرة يمكن تطبيقها، فالمواقف خصبة للتعلم التعاوني وموضوعاتها مواتية وبيئتها مناسبة، والذي بات العمل فريق واحد من مهارات المستقبل.
إستراتيجيات التعلم
وفي السياق قالت الدكتورة فاطمة محمد الكاف أستاذ مشارك بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس: إنّ التعلم التعاوني هو أحد المفاهيم التي تشير إلى المشاركة بين الطلبة بعضهم مع بعض من أجل تنفيذ وإتمام بعض الأنشطة في إطار الدراسة التي يقومون بها، ومن اسم هذا النوع من التعلم يتضح أنه يقوم على التعاون والمشاركة ولا يخص العمل الفردي، ويهدف إلى مساعدة الزملاء وترسيخ المعاني الدراسية التي يقومون بتعلمها من خلال التعاون، وتشتمل كل مجموعة من المجموعات الخاصة بالتعليم التعاوني على ما يقرب من طالبين إلى خمسة طلاب، ولا يزيد عن خمسة طلبة لكي يتم الاستيعاب بينهم بشكل أفضل وأجود.
وأضافت: التعلم التعاوني في حد ذاته إحدى الإستراتيجيات التي تشتمل على تدريس المواد بشكل يضمن الحصول على جودة التعلم، من خلال الاعتماد على المجموعات الصغيرة التي يقوم ببنائها المعلمون بغرض تحسين وتطوير الخبرات التعليمية لكل من الطلبة والمعلمين على حد سواء، إذ أن الطلبة يعملون وفق مجموعات صغيرة غير متشابهة وذلك من أجل تحقيق الأهداف التعليمية المشتركة بين الطلاب وتبادل الخبرات والمهارات المختلفة بينهم.
وحول المهارات التي يمكن أن يكتسبها الطلبة من خلال العمل في مجموعات تعاونية قالت الدكتورة فاطمة: يعزز هذا التعلم التطوير الشخصي للطلبة بطرق عديدة، حيث يسهم في تعزيز المهارات الاجتماعية والتعاونية لديهم، ويعزز الاندماج والتواصل الإيجابي مع الآخرين، والقدرة على التعامل مع التحديات وحل المشكلات، كما يشكل أداة قوية لتطوير مهارات التعاون والعمل الجماعي، وهو أساسي في العالم المهني حيث يتعين على الأفراد العمل ضمن فرق متنوعة والتفاعل مع الزملاء.
وأفادت الدكتورة فاطمة بأن استخدام التكنولوجيا في تعزيز التعلم التعاوني يعزز من زيادة التفاعل، كما يمكن استخدام منصات التعلم الإلكترونية والتطبيقات التعليمية التفاعلية لتعزيز التعاون والمشاركة، ويمكن للطلبة التفاعل مع بعضهم البعض عبر المنصات الرقمية، من خلال مشاركة الأفكار والآراء، والعمل سويًا في مشاريع مشتركة، وتنظيم مناقشات عبر الإنترنت ومنتديات لتعزيز التواصل وتبادل المعرفة.
الإيجابيات
وأكدت وجود فوائد اجتماعية ونفسية للتعلم التعاوني منها أن المجموعات الصفية توفر آليات التواصل الاجتماعية، وتسمح بتبادل الأفكار وتوجيه الأسئلة بشكل حر، وشرح الفرد للآخر، ومساعدة الغير في فهم الأفكار بشكل له معنى، والتعبير عن الشعور، وإعطاء الفرصة لجميع الطلبة بأن يشعروا بالنجاح، واستعراض وجهات نظر مختلفة حول موضوع معين أو طريقة حل معينة بالإضافة إلى مراعاة الفروق الفردية في العمر، ومراحل التطور الإدراكي المعرفي، والاتجاهات، والدافعية، والقدرة، والاهتمامات، والأنماط الإدراكية، والخلفيات الثقافية، مشيرة إلى أن اتباع هذا الأسلوب من التعلم لا يزيل الفروق وإنما يعالجها ويقلل منها، ويوجد جو وجداني إيجابي خاصة للطلبة الخجولين الذين لا يرغبون في المشاركة أمام الصف، ويطور مهارات التعاون والمهارات الاجتماعية، الأمر الذي يهيئ الطلبة للعمل في أطر تعاونية في عدة وظائف في حياتهم المستقبلية، وتوفير فرصة طلب الطالب للمساعدة من أفراد المجموعة أو من المعلم في أي وقت يحتاج لها والتخفيف من الجو السلطوي في الصف إلى جو ودي.
تعليق