يعد برنامج " المستثمر الذكي "الذي ينفذه مركز التوجيه المهني والإرشاد الطلابي بوزارة التربية والتعليم بالتعاون مع مؤسسة "إنجاز عمان" وبالشراكة مع مؤسسة الجسر الخيرية من البرامج التي تعزز الثقافة المالية الوعي المالي لدى الطلبة في مجالات الادخار والاستثمار والإنفاق، وتوجه سلوكهم نحو القيم المالية الإيجابية من خلال المعارف والمهارات التي تؤهلهم للتعامل مع المال بذكاء، ويستهدف البرنامج في نسخته الخامسة للعام الدراسي 2023/2022، ترسيخ مفهوم الإدارة المالية لطلبة المدارس، من خلال البرامج التدريبية التي تقدم منهجًا متخصصًا في الاقتصاد والأعمال، بمشاركة حوالي 4000 طالب وطالبة من مختلف المديريات التعليمية في المحافظات.
من ناحية أخرى أشار خبراء اقتصاديون إلى ضرورة غرس الثقافة العلمية لدى أبنائنا الطلبة من خلال إضافة منهج اقتصاد (مادة الثقافة الاقتصادية) من أجل إخراج جيل يستطيع أن يتعامل مع المجريات المالية والأحداث الاقتصادية والمالية، مشيرين إلى أن إدراج مادة اقتصاد في المنهج سيحث الطلبة على التفكير والتوفير والاعتدال في مصروفاتهم الحالية ومساعدة أسرهم بالصرف المعقول.
وقد قالت فاطمة بنت عبدالله الهاشلية أخصائية إدارة أول بمؤسسة إنجاز عمان: إن البرنامج التدريبي يتكون من خمس جلسات متخصصة في ريادة الأعمال والمعرفة المالية، والجاهزية لسوق العمل، أذ يتعلم الطلبة في الجلسة التدريبية الأولى: مهارات إدارة الأموال، والتعرف على الاختلافات بينها، بينما تقدم الجلسة الثانية استراتيجيات تمكنهم من فهم اهتمامات الناس، وتحديد نوع الأعمال التجارية الصغيرة؛ بناءً على احتياجات الجمهور.
أما الجلسة الثالثة فتركز على بناء الأعمال التجارية التي يحدد فيها هؤلاء الطلبة الخطوات الأساسية لبدء عمل تجاري صغير، مع وضع خطة عمل مبدئية. أما الجلسة الرابعة فتتناول مهارة إدارة الأعمال المالية المتمثلة في اقتراض الأموال؛ من أجل تأسيس الأعمال، مع دراسة مزاياه وعيوبه،، أما الجلسة الخامسة والأخيرة، بعنوان: "النجاح العالمي" ليتعرفوا فيها على الفرص والتحديات التي تواجه الأسواق العالمية.
وأضافت: يكتسب الطلبة المشاركون في هذا البرنامج عددًا من المفاهيم المالية الأساسية مثل: الإعلانات، والحساب المصرفي، والمستهلك، والربح، وريادة الأعمال، والنفقات، والصادرات، ومعنى السلع والخدمات، والدخل والنقود، وإدارة الأموال، وغيرها من المفاهيم المتعلقة بالجوانب المالية.
وحول الشراكة القائمة بين مؤسسة الجسر الخيرية وبرنامج "المستثمر الذكي" قالت دينا بنت فوزي الخليلية المديرة العامة لمؤسسة الجسر للأعمال الخيرية: شراكتنا مع وزارة التربية والتعليم ومؤسسة إنجاز عمان مبنية على الجهود القائمة في وضع استراتيجيات وطنية أكثر استدامة؛ بهدف تعزيز الثقافة المالية لدى الطلبة ليظهروا قدراتهم على كسب المال، والاحتفاظ به وإنفاقه بحكمة.
كما تطرقت سميرة بنت سلوم الطالعية رئيسة قسم ريادة الأعمال بمركز التوجيه المهني والإرشاد الطلابي بوزارة التربية والتعليم عن آلية اختيار الطلبة وتدريبهم بالقول: يتم اختيار مجموعة من طلبة المدارس للمشاركة في البرنامج من الصفوف (7-9)، إذ يُنفذ البرنامج على مرحلتين، ففي المرحلة الأولى يتم تقديم حلقة عمل لأخصائيي التوجيه المهني بالمديريات التعليمية في المحافظات تتضمن نبذة تعريفية عن برنامج "المستثمر الذكي" والمجالات التدريبية التي يتضمنها، أما المرحلة الثانية فيقوم الأخصائيون في المدارس بتنفيذ حلقات عمل للطلبة واختيار مجموعة منهم؛ للالتحاق بجلسات البرنامج التكميلية.
وقد عبر بعض الطلبة عن مدى استفادتهم من برنامج المستثمر الذكي، فقالت ريم بنت حمد الرشيدية من مدرسة أم ذر الغفاري للتعليم الأساسي (1-12) بتعليمية محافظة البريمي: كنا نتعامل مع المال بطريقة عشوائية وعدم التخطيط للعناصر المالية المختلفة وخاصة في عملية الشراء، فعندما نمتلك المال نفكر في كيفية إنفاقه دون النظر إلى جوانب التخطيط المالي، والتفريق بين ما نريد وما نحتاج إليه، لذا ساعدنا هذا البرنامج على اكتساب مهارات متعددة في الإدارة المالية، مثل: التخطيط المالي، وثقافة الادخار، والتريث في اتخاذ القرار لشراء الأشياء.
وشاركها القول الطالب علي بن حميد الشهومي من مدرسة الفضل بن العباس للتعليم الأساسي بتعليمية محافظة جنوب الباطنة قائلا: الدرس الذي تعلمته من البرنامج هو: الاقتصاد في المال، وتوفيره للأشياء الأساسية، وعدم تبذيره في الكماليات، واستثماره، وتطبيق الإدارة المالية في التعاملات الحياتية اليومية.
من جانبه قال الطالب أحمد بن وليد البكري من مدرسة الفضل بن العباس للتعليم الأساسي(8-10) بتعليمية محافظة جنوب الباطنة: تعلمت من هذا البرنامج الاستثمار للمستقبل واتخاذ قرارات؛ لكسب الأموال من عمليات البيع والشراء، مع احتساب سعر الفائدة وسعر الشراء باستخدام التكنولوجيا المالية، والبنوك الرقمية التي أحدثت تطورًا كبيرًا في عالم المال والأعمال.
وفي نفس السياق قال الدكتور قيس السابعي خبير اقتصادي: إن التعليم يعد أداة فعّالة ومثيرة ومؤثرة في عملية التنمية، لأنه العنصر البشري وهو الوسيلة والغاية في حركة الانتعاش والتقدم والتنمية والتطور، ولربما ندرك أن المجتمعات تقاس بما لديها من مستوى معرفي وعلمي وليس بما لديها من موارد أو ثروات طبيعية فحسب وإنما بما تملك من العلم والثقافة والمعرفة والقدرة على استثمار الموارد القابلة للمعرفة والتطور سواء كان في قضية اقتصادية أو تنموية أو تربوية أو تعليمية وفي ظل المتغيرات العالمية الحالية والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والعرفية والتكنولوجية المتلاحقة التي يشهدها العالم اليوم ونحن في عصر العولمة وأيضا في ظل انخفاض أسعار النفط ومتغيرات سوق العمل والظروف السياسية.
وأضاف الدكتور السابعي قائلا: لابد أن تكون هناك ثقافة اقتصادية ومالية لدى الباحثين والمتعلمين ولدى طلاب العلم، ووضع برامج دراسية لغرس الثقافة العلمية سينتج ويخرج جيلا يستطيع أن يتعامل مع المجريات المالية والأحداث الاقتصادية والمالية سواء على مستوى الأسرة أو على مستوى المجتمع أو الوطن بشكل عام لأنه عندما تجد ثقافة مالية واقتصادية هذا يؤدي إلى وجود نوع من أنواع الاستفادة والإثراء والتعليم والابتكار والبحث والمعرفة لهذا المتعلم الطالب لتحقيق الاستثمار وتحقيق الاقتصاد الذي يعود عليه بالنفع وعلى الآخرين.
كما اقترح الدكتور قيس إضافة مادة علمية للطلبة تدرس في المدارس تحت مسمى الاقتصاد العماني أو الاقتصاد والاستثمار أو الاقتصاد والمالية العامة، باعتبارها مادة حاضرة في أروقة المدارس وفي المنهج الدراسي المعتمد في سلطنة عمان، ستخدم في تعريف الطالب بواقع جهود سلطنة عمان في تحقيق الاستثمار وهذا يؤدي إلى معرفة الطلاب التحديات التي تواجه الاستثمار في السلطنة وفي الوطن العربي على المستوى الإقليمي والعالمي وأيضا قد يأتي من النوابغ ومن الطلبة الذين يدرسون المادة بشغف وحب بعض المقترحات لمعالجة تحديات الاستثمار لمعالجة الاقتصاد، حيث باستطاعتهم أن يقدموا حلولا وان يصنعوا قرارا ورأيا وفكرا منيرا يستنير به ممن بعدهم في هذا المجال.
وقد أفاد الدكتور قيس أن وجود مادة اقتصاد واستثمار لطلاب المدارس يؤدي إلى أننا ننتقل نقلة نوعية وكيفية وأيضا كمية في ماهية التعليم وماهية الاقتصاد وننتقل من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المعرفي أو الاقتصاد الذكائي أو الاقتصاد الإنتاجي أو الابتكاري أو الابداعي، ومن شأن هذه المادة - لو طبقت في المدارس- أن تحث الطلاب على التفكير والتوفير كما تحثهم على موازنة مصروفتهم الحالية ومساعدة أسرهم في هذا المجال بالصرف المعقول والاعتدال والوسطية وأيضا تؤدي إلى وجود زخم هائل من العصف الفكري والذهني في مسألة الإبداع والبحث والابتكار العلمي في مسألة تطوير القدرات وفي مسألة تنمية المهارات وفي مسألة التفكير المستقبلي وفي مسالة إيجاد الحلول المالية المناسبة التي تتواكب مع أعمارهم في ذاك الوقت وما يتطور إلى ما بعد ذلك.
مضيفا: "عند وجود مادة اقتصادية أو استثمارية في المدارس وتدرس بشكل الصحيح والمطلوب من ذوي الخبرة والاختصاص سنكسب اقتصادا معرفيا بحتا ونخرج أجيالا تعتمد على الذكاء والإبداع والابتكار والبحث العلمي وتنمية العقول، مشيرا إلى انه آن الأوان لشباب اليوم وصناع المستقبل أن يقفوا وقفة حقيقة في موضوع الاستثمار، بحيث يكونوا على اطلاع وعلى قاعدة أساسية أولية من الاقتصاد والاستثمار ويكون نصب أعينهم وباستطاعتهم تطوير ذواتهم ومجتمعهم وخدمة الوطن بشكل عام.
تعليق