اختتم الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف «COP28»، زيارة استغرقت يومين، إلى جمهورية الصين الشعبية، حيث عقد سلسلة من اللقاءات مع كل من دينغ شيويه شيانغ، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة الصيني، وتشاو تشين شين، نائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، وهوانغ رونكيو، وزير البيئة الصيني، وشيه تشن هوا، المبعوث الصيني الخاص لتغيّر المناخ، والدكتور تشانغ جيان هوا رئيس إدارة الطاقة الوطنية الصينية، وعدد من المسؤولين والمعنيين بالاقتصاد والطاقة والعمل المناخي.
نقل إلى المسؤولين الصينيين تحيات القيادة في دولة الإمارات، وحرصها على تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون مع جمهورية الصين الشعبية بما يدعم النمو والتقدم والازدهار في مختلف المجالات. وتأتي هذه الزيارة ضمن الجولة العالمية للاستماع والتواصل التي يقوم بها استعداداً لاستضافة مؤتمر الأطراف في دولة الإمارات.واستندت مناقشاته مع القادة الصينيين إلى عمق العلاقات الثنائية وقوة الشراكة الاستراتيجية الراسخة بين البلدين، وركزت على تعزيز الشراكات النوعية الهادفة إلى إنجاز تقدم فعال وملموس في الفترة التي تسبق مؤتمر «COP28» لتحقيق تغيير جذري وتقدم نوعي في العمل المناخي خلال المؤتمر.
وبهذه المناسبة قال الجابر: «تماشياً مع رؤية وتوجيهات القيادة، تحرص الإمارات على مد جسور التواصل والتعاون مع المجتمع الدولي، ويأتي التعاون مع الصين ضمن هذه الرؤية، والالتزام المشترك بالعمل المناخي والتنمية الاقتصادية المستدامة لتحقيق تقدم ملموس استعداداً لمؤتمر الأطراف COP28، خاصة في ضوء الإمكانات الكبيرة للصين، وحجم اقتصادها ودورها الريادي في تطوير التكنولوجيا النظيفة، وقدرتها الكبيرة على تعزيز النمو الاقتصادي المستدام منخفض الانبعاثات».
وأضاف «علينا أن نتذكر أن خصمنا هو الانبعاثات، وليس الطاقة، وبالنظر إلى اقتصاد الصين الضخم، وحجم إنتاجها من الطاقة المتجددة، والتطور الكبير الذي حققته في تكنولوجيا خفض الانبعاثات، فهي تمثل نموذجاً للنمو الاقتصادي والانتقال في قطاع الطاقة». موضحاً أن الصين من الدول الرائدة عالمياً في تطوير ونشر مشروعات الطاقة المتجددة، حيث أضافت 40% من القدرة الإنتاجية الجديدة على مستوى العالم
من الكهرباء المولدة من مصادر طاقة الرياح والطاقة الشمسية خلال الأعوام الخمسة الماضية، كما حددت هدفاً طموحاً لنشر 1200 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030، بينما تسعى إلى تحقيق هذا الهدف مبكراً في عام 2025، منوهاً بأن اعتمادها على الطاقة الشمسية يعد نموذجاً يُحتذى، ومثالاً عملياً للانتقال الواقعي في قطاع الطاقة.
وقال إن هذه المشروعات والخطط الطموحة تؤكد التزام كل من دولة الإمارات والصين بتنويع مزيج الطاقة لديهما، والقيام بخطوات ملموسة للتوصل إلى حلول عمليّة لأزمة المناخ، مشيراً إلى أن الشراكة بين البلدين هي فرصة مهمة بالنسبة لرئاسة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف COP28، مضيفاً «نسعى لإيجاد حلول مبتكرة لخفض الانبعاثات من القطاع الصناعي وتوسيع نطاق الوصول إلى التقنيات النظيفة وضمان انتقال منطقي وعملي وتدريجي وعادل في قطاع الطاقة».
والتقى رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا النظيفة في اجتماع طاولة مستديرة للقطاع الخاص، كما زار معهد جامعة تسينغهوا للحياد الكربوني، الذي يعدّ من المؤسسات الأكاديمية المرموقة عالمياً في تخصصات حيوية، تشمل الطاقة والاستدامة والمناخ، حيث ألقى كلمة قال فيها إن: «العالم يحتاج إلى مجموعة من الحلول التكنولوجية للوفاء بالتزامات خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 43 في المئة بحلول عام 2030، من أجل تحقيق هدف اتفاق باريس بتفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية».
وشدد على أن تحقيق الأهداف المناخية يتطلب تطوير وتطبيق تكنولوجيا مبتكرة قادرة على خفض الانبعاثات بشكل كبير، وقال «نحن بحاجة إلى استكشاف كل الخيارات المتاحة وليس مصادر الطاقة المتجددة فقط، أو بناء قدرات شاملة في مجال إنتاج واستخدام الهيدروجين كوقو، أو التقاط الكربون وتخزينه، أو استخدام النفط والغاز الأقل كثافة في الانبعاثات... إننا بحاجة إلى جميع هذه الحلول معاً، إضافة إلى الابتكارات الجديدة التي سيتم اختراعها وتسويقها وتطبيقها».
وبخصوص الدور الريادي للصين في اقتصادات الأسواق الناشئة، قال «تعدّ الصين دولة رائدة عالمياً وشريكاً مهماً لاقتصادات الأسواق الناشئة، حيث تقدم بالفعل مساهمات كبيرة لتعزيز العمل المناخي المشترك بين دول الجنوب العالمي، لذلك سيكون دعم الصين بالغ الأهمية إذا أردنا اتخاذ إجراءات واقعية وعملية استعداداً لمؤتمر الأطراف COP28، وما بعده».
وخلال زيارته إلى جمهورية الصين الشعبية، التقى الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، عدداً من قادة الأعمال والصناعة الصينيين، حيث دعا إلى الاستثمار في خفض الانبعاثات من القطاع الصناعي، وقال «إن الحديد الصلب والأسمنت والألمنيوم، والطاقة والتصنيع، هي من القطاعات الحيوية للعالم، لذلك، لا نستطيع التوقف عن استخدامها، بل علينا إيجاد طريقة لجعلها أكثر استدامة».
وأضاف: «لقد تحدثت عن هذا الأمر منذ عدة أشهر، فنحن بحاجة إلى خفض الانبعاثات وليس إبطاء معدلات النمو والتقدم، علينا العمل مع قادة القطاع الصناعي وبناء شراكات معهم لإيجاد الحلول المنشودة».وأشاد بالعلاقات الثنائية الراسخة بين دولة الإمارات والصين والتي تأسست بفضل توجيهات وحكمة قيادتي البلدين الصديقين، ووصف تلك العلاقات بأنها شراكة راسخة وقوية ونموذج للتعاون المشترك الذي يسهم في تحقيق الازدهار المشترك والنمو المستدام منخفض الانبعاثات
وقال «إن بناء الشراكات مع كل المعنيين من العوامل الرئيسية لنجاح مؤتمر الأطراف COP28 في التركيز على النتائج العملية وإحداث تأثير إيجابي واحتواء الجميع»، مشدداً على ضرورة تضافر الجهود من الصين وبقية الدول، وكل الأطراف المعنية للحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية، إضافة إلى تنفيذ عملية تصحيح جذرية لمسار العمل، وبذل جهود كبيرة لتنشيط التقدم في العمل المناخي، مؤكداً تطلعه إلى العمل مع المسؤولين المعنيين في الصين ومختلف أنحاء العالم لتحقيق النتائج المرجوة خلال مؤتمر الأطراف «COP28».
تعليق