قانون البصمات الحيوية.. نقلة نوعية لتسريع إجراءات الضبط والتحقيق الجنائي
يمثل قانون البصمات الحيوية مرجعا ورافدا حول المعلومات والبيانات المتعلقة بذوي السوابق الجرمية وكشف مرتكبي الجرائم وسرعة ضبطهم وتقديمهم للعدالة، كما ينعكس إيجابا على سرعة أعمال جمع الاستدلالات والتحقيق، وتساعد البصمة الحيوية في الاكتشاف المبكر للإعاقات الذهنية، ومنها على سبيل المثال متلازمة داون، والمساهمة في حلها وبالتالي تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وسوف يقدم قانون البصمات الحيوية وسائل وإجراءات جديدة لرجال الضبطية القضائية ورجال التحقيق والهيئات القضائية للوصول إلى عدالة حقيقية في المسائل الجنائية.
وأفادت شرطة عمان السلطانية بأن البصمة الحيوية يكمن تعريفها بأنها خصائص مميزة قابلة للقياس لتحديد هوية الشخص عن بقية الأشخاص، كما تعرف البصمة الوراثية بالسمات البيولوجية أو النمط الجيني للمواقع غير المشفرة عالية التباين في الحمض النووي الكروموسومي الناتجة عن تحليل الحمض النووي وهو ثابت ومتفرد بين كل شخص وآخر ولا يتكرر إلا في حالات التوأم المتطابق.
وأكدت أن أهمية قانون البصمات الحيوية تكمن في تسهيل التعرف على هوية مرتكبي الجرائم وتحقيق سرعة ضبطهم وكذلك التعرف على الضحايا أو المجني عليهم، ويمثل حجية في الإثبات لدى الجهات القضائية، إضافة إلى إيجاد مرجع ورافد مهم حول المعلومات والبيانات المتعلقة بذوي السوابق الجرمية وكشف مرتكبي الجرائم وسرعة ضبطهم وتقديمهم للعدالة، كما ينعكس إيجابًا على سرعة أعمال جمع الاستدلالات والتحقيق، وينسجم القانون مع أهداف واختصاصات شرطة عمان السلطانية المنصوص عليها في المادة (11) من قانون الشرطة بالمحافظة على النظام والأمن العام وحماية الأرواح والأموال والأعراض ومنع وقوع الجرائم وضبط ما يقع منها، ويواكب التطور العلمي في مجال البصمات المختلفة (الوجه ـ بصمة العين ـ البصمة العشرية ـ البصمة الوراثية)، وكذلك الجهة التي تقوم على جمع البصمة الحيوية والبصمات الأخرى هي شرطة عمان السلطانية، وجميع بياناتها وأنظمتها سرية ومحمية بموجب القانون، علاوة على أن مشروع هذا القانون فرض الحماية الجزائية عند انتهاك سرية بيانات قاعدة البصمات الحيوية، وستنظم اللائحة التنفيذية لهذا القانون آليات جمع البصمات الحيوية وضوابط حفظ البيانات وجمع العينات وحفظها وإتلافها.
وحول أثر القانون على التشريعات القائمة، أوضحت شرطة عمان السلطانية أن قانون البصمات الحيوية يتكامل مع المادة (11) من قانون الشرطة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (90/35) والتي تخول بموجبها شرطة عمان السلطانية المحافظة على النظام والأمن العام والآداب وحماية الأرواح والأعراض والأموال ومنع ارتكاب الجرائم وضبط ما يقع منها، واتخاذ ما يلزم من إجراءات التحري والاستدلال.. كما ينسجم مع نصوص قانون الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (99/97) فيما يتعلق بجمع الاستدلالات والتلبس والتحقيق الابتدائي، والتي أنيطت بمأموري الضبط القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات وضبط ما يتعلق بالجريمة والمحافظة على أدلتها والاستعانة بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة.
وقال الدكتور راشد بن حمد البلوشي رئيس اللجنة العمانية لحقوق الإنسان: قانون البصمات الحيوية يتوافق مع حقوق الإنسان، ويعزز المحاكمة العادلة، حيث تعتبر قرينة البراءة حق إنساني دولي بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقيات والمواثيق الدولية المعنية بهذا الجانب، كما أن البصمة الحيوية تُساعد في الاكتشاف المبكر للإعاقات الذهنية، ومنها على سبيل المثال متلازمة داون، والمساهمة في حلها وبالتالي تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى ذلك يُعد قانون البصمات الحيوية من أهم المواضيع الحديثة المتعلقة بالإثبات في الميدان الجنائي، ويبرز الأهمية البالغة التي وصلها العلم في مجال تحديد مرتكب الجريمة حيث يعتبر دليل البصمة الحيوية من أهم الأدلة الجزائية في كشف الجريمة وهي تعتبر بحق سيدة الأدلة ووسيلة موثوق بها لمعرفة الحقيقة بما لا يدع مجالا للشك الأمر الذي جعل العديد من الدول تطمئن لها لإيجاد حلول كثيرة في القضايا الجنائية مهما تعددت أساليب ارتكاب الجريمة ونوعية العينات البيولوجية والأشخاص فيها.
وأشار إلى أن قانون البصمات الحيوية سوف يقدم وسائل وإجراءات جديدة لرجال الضبطية القضائية ورجال التحقيق والهيئات القضائية للوصول إلى عدالة حقيقية في المسائل الجنائية كما أنه سوف يعمل على تنظيم الكثير من الأمور ذات العلاقة بين البيانات والمعلومات الشخصية بالتكامل مع باقي القوانين ذات العلاقة كقانون حماية البيانات الشخصية وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون الإجراءات الجزائية.. مشيرا إلى أن موضوع توثيق البيانات المتعلقة بالحمض النووي هي البيانات الوراثية التي تشكل واحدة من التحديات التي يجب إعطاؤها قدرا كبيرا جداً من الأهمية من حيث حفظها وسريتها ولقد عنا هذا القانون بمراجعة هذا الجانب من خلال النص أو إيراد نصوص تعني بالمحافظة على توثيق وسرية هذه البيانات.
وقال الدكتور راشد بن سالم البادي، محامٍ لدى المحكمة العليا: إن قانون البصمات الحيوية يأتي لمواكبة التطورات العلمية والتقنية الكبيرة التي أتاحت الفرصة لتوظيفها لخدمة المجتمع أمنيا وخدميا وذلك من خلال البصمات الحيوية التي من بينها بصمات الكفوف والأصابع وبصمة العين وبصمة الوجه، والبصمة الوراثية المعروفة بمصطلح "DNA"، وتأتي أهمية صدور هذا القانون كإحدى ثمار مشروع يقين الرائد والفريد الذي يتضمن تجميع كافة البصمات الحيوية في نظام تقني واحد بحيث يكمل بعضه البعض.
وأشار إلى أن قانون البصمات الحيوية يعد واحدًا من بين أهم القوانين التي من شأنها المساهمة والمساندة الفاعلة في الحد من وقوع الجرائم المختلفة واكتشاف ما قد يقع منها، ونظرًا للموثوقية العلمية والتقنية لنظام البصمات الحيوية التقني فإن ذلك من شأنه دعم العدالة المنشودة من الجميع بأدلة فنية وعلمية وموثوقة.. كما أن القانون يساهم مساهمة جوهرية في التعرف على المفقودين والجثث والأشلاء في حالات الكوارث لا سمح الله، وغيرها من الحالات التي تستدعي الاستعانة بقاعدة بيانات البصمات الحيوية مما يؤدي ذلك إلى المساهمة في حفظ النظام العام وفي الوقت نفسه يعتبر مصدر اطمئنان أفراد المجتمع على أنفسهم وأملاكهم في ظل الانفتاح الاستثماري والاقتصادي والسياحي.. مشيرًا إلى أن قانون البصمات الحيوية يتضمن 15 مادة جاءت مقسمة على أربع فصول، إذ يتضمن الفصل الأول تعريفات، والفصل الثاني قاعدة بيانات البصمات الحيوية، أما الفصل الثالث فإنه يتضمن عينات وبيانات البصمات الحيوية، والفصل الرابع العقوبات.
وأوضح أن القانون نص على إنشاء قاعدة بيانات تختص بحفظ البيانات المتحصل عليها من الأثر الحيوي البيولوجي المرفوع من موقع الجريمة، الجثث والأشلاء، المتهمين والمحكوم عليهم، المفقودين أو ذويهم، المواطنين والمقيمين، وبصمات الكفوف والأصابع والعين وأخرى، وأي بيانات أخرى يتم إقرارها من قبل المفتش العام للشرطة والجمارك، وتخويل الجهات المختصة بالاستعانة بقاعدة البيانات للإسهام في كشف الجرائم ومرتكبيها، والتأكيد على سرية البيانات وحظر استخدامها في غير الأغراض المنصوص عليها في هذا القانون، وتعتبر هذه البيانات ذات حجة في الإثبات لدى الجهات القضائية، ويحظر إجراء فحص البصمة الوراثية لإثبات النسب، إضافة إلى أن مدة حفظ العينة الحيوية البيولوجية المرجعية لمدة لا تزيد على 10 سنوات وفقاً للضوابط والإجراءات التي يتم إقرارها، وحفظ بيانات البصمة الوراثية والأصابع والكفوف والوجه والعين لمدة غير محددة في قاعدة بيانات البصمات الحيوية.
وحول الإضافة التي يقدمها القانون مقارنة بالإجراءات السابقة.. قال البادي: إن مشروع القانون جاء ليضع الإطار التشريعي في كيفية التعامل مع البيانات والعينات الخاصة بالبصمات الحيوية، كما أنه ينسجم مع نصوص قانون الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم "97/ 99" في الباب الثاني المتعلق بجمع الاستدلالات والتلبس والتحقيق الابتدائي والذي أناط بمأموري الضبط القضائي بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجعل الاستدلالات وضبط كل ما يتعلق بالجريمة والمحافظة على أدلتها والاستعانة بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة، كما جاءت أهمية التوثيق لسهولة الرجوع إلى البيانات والعينات والبصمات الحيوية عند الحاجة إلى اكتشاف مرتكبي الجرائم والمفقودين والأشلاء وغيرها من الحالات التي نص عليها القانون، كما تأتي أهمية التأكيد على سرية البصمات الحيوية الوراثية للمحافظة على خصوصية الأفراد وعدم إطلاع غير المختصين على هذه البيانات حماية لهم وفقًا لما نص عليه قانون البيانات الشخصية في المادة "4" منه.
وأشار البادي إلى أن القانون قرر عقوبات مختلفة على مخالفة أحكامه ومن أبرزها، عقوبة السجن بما لا يقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وغرامة لا تزيد على 5000 ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من زور المحررات الخاصة بالبصمات الحيوية أو استعملها مع العلم بتزويرها، وكذلك معاقبة كل من أفشى البيانات الخاصة بالبصمات الحيوية يكون قد اطلع عليها بحكم عمله بالسجن مدة لا تقل على ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن 500 ريال عماني ولا تزيد على 2000 ريال عماني، كما أن كل من أتلف أو عبث في العينات الحيوية البيولوجية المرجعية أو الآثار الحيوية يعاقب بالسجن مدى لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على 7 سنوات وغرامة بما لا تقل عن 500 ريال عماني ولا تزيد على 3000 ريال عماني، وكل من امتنع عن إعطاء العينات اللازمة للأغراض المنصوص عليها في هذا القانون بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن مائة ريال عماني ولا تزيد على 500 ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين.
تعليق